Success stories of Palestinian achievers from all over the world
شبان غزيون يقدمون خدمات إلكترونية لتعزيز الثقافة العربية

شبان غزيون يقدمون خدمات إلكترونية لتعزيز الثقافة العربية

18-Aug-2019



عزل الحصار الإسرائيلي الغزيين عن العالم الخارجي على مدار 13 عاما، واستطاع عدد من بين هؤلاء التغلب على ظروف الحصار بخلق فرص عمل عن بُعد خصوصا تلك التي تقتصر على تعلم الثقافة العربية واللغة والقرآن الكريم وأحكام التجويد عن بُعد للجمهور الخارجي.
واستغل هؤلاء إمكانياتهم المتاحة عبر الإنترنت، فكانت الشابة أسماء أبو تيلخ واحدة من الشبان الذين يقدمون خدمات بإنتاجها قصصا وروايات على شكل رسوم متحركة، تعزز من قوة اللغة العربية للمتلقي.
انطلقت أسماء أبو تيلخ (30 عاما) بالتفكير في مشروعها بعد التخرج بتخصص تكنولوجيا المعلومات في الجامعة الإسلامية عام 2010.
ومثل غيرها من الخريجات سعت وراء الحصول على وظيفة، لكن الأمر كان صعبا، بينما فتح لها مجال تقديم مبادرة إبداعية، وفكرت في أن تبدع في موهبتها الكتابية ولغتها العربية القوية ومطالعتها الكتب، عبر مشروع جيد.
 
قصص لتعليم اللغة العربية
قدمت أبو تيلخ فكرة مبادرة لتنشئ محتوى قصصيا بالرسوم الكرتونية وإنتاجها فيديو تعليميا للعرب في الدول غير الناطقة بالعربية خصوصا الأطفال والشباب منهم لتلبي حاجتهم لتعلم اللغة العربية.
وبالفعل حصلت على منحة "مبادرون للمشاريع الريادية" ثم منحة من مؤسسة بيكتي لإنتاج مجموعة من الروايات والقصص وإضافة خاصية الصوت.
تقول أبو تيلخ "طوّرنا خط إنتاج للكتابة الإبداعية حسب الطلب من الجمهور الخارجي في الدول غير العربية لتعليم أبنائهم محتوى اللغة العربية، وأنجزنا كثيرا من المشاريع من إنتاج الكتب والمقالات المختصة وما يقارب 15 قصة ورواية أنتجناها باللغة العربية الفصحى".
وتضيف "المحتوى الذي نركز على إنتاجه من القصص والروايات يناسب الأطفال في الخارج، في ظل حاجة كثيرين من الآباء عبر جاليات عربية ومنصات بيع الكتب المقروءة في مواقع العمل الحر، ووصلت أعمالي إلى كثير من الجاليات العربية في العالم، وحصلت على عرض من قبل تطبيق طوره متخصصون مصريون "ليالي العرب" (Arabin Nights) يضم كُتابا عربا لعرض محتوى القصص والروايات".
وتابعت "كانت آخر الروايات التي استطعت إنتاجها -بوصفها محتوى كرتونيا هي "المصير"- وتتحدث عن فلسطين في المستقبل والخيال العلمي والسفر عبر الفضاء، وكيف استطاعت فلسطين المحتلة بمجهودات أبنائها الاستقلال والحرية وتكوين حضارة كبيرة تدافع عن المظلومين، وسعيت خلالها إلى ربط الثقافة الفلسطينية العربية القديمة بالحديثة، لكي يتصور المتلقي حياة الفلسطيني والعربي وثقافتهما".
ولقيت أبو تيلخ إشادات كبيرة من الآباء في الجاليات العربية بالدول الأجنبية وكان مشجعا جدا لها، واعتبر الآباء المحتوى فرصة لربط أبنائهم بالثقافة العربية الإسلامية وتعزيز اللغة العربية الفصحى عند أبنائهم الذين لا يجدون الفرصة لممارسة اللغة العربية في مدارسهم أو حتى خلال حياتهم اليومية.
 
المقرأة الإلكترونية
من زاوية أخرى، يعتبر برنامج المقرأة الإلكترونية هو أول برنامج قام فيه شباب مبادرون مع دار القرآن الكريم والسنة في قطاع غزة، لتعزيز التواصل الثقافي الإسلامي والعربي مع الدول الأجنبية والمسلمين فيها وتعليم قراءة القرآن الكريم وأحكام التجويد، بالاستعانة بشيوخ ومقرئين كبار لمساندتهم.
واستطاعت المقرأة عبر ثلاثة أعوام الوصول للعديد من المسلمين في العالم، إحدى المقرئات كانت هناء نصار (29 عاما)، خريجة الهندسة الصناعية، وحاصلة على دبلوم في القراءات العشر، ودرّست طالبات أحكام التجويد والقراءات العشر وتحفيظ القرآن داخل مساجد غزية منذ 2013، بشكل تطوعي.
وعندما أُعلن عن الإعداد للمقرأة الإلكترونية من فلسطين التي ستكون سفيرة لدار القرآن والسنة في العالم كله، تم ترشيحها لتقوم بهذه المهمة في قسم الطالبات، ومن هنا بدأت تُحفّظ الشابات المسلمات في دول مثل إندونيسيا وماليزيا وتعرفهم الثقافة الإسلامية والعربية.
وتقول هناء، "أحصل على دخل جيد إلى حد ما، لكني أشعر بالإنجاز العظيم بنشر رسالة سلام ديننا. عملنا يحتاج إلى دقة كبيرة في اللغة واللفظ والقراءات الصحيحة مع الطلاب غير الناطقين بالعربية، إلى جانب متطلبات أن يكون عند الطالب إنترنت قوي في المنزل، ويحصل كل طالب بعد اجتيازه اختبارات الدورة على شهادة مصدقة ومعتمدة، بعد كل دورة ترسل له إلكترونيا".
وتنوه هناء بأن المقرأة تقدم العديد من الدورات، ويتم التركيز على دورات التلاوة والتجويد والقراءات، وشرح متون التجويد، والسند المتصل، إلى جانب الدورات المساندة، ومنها الإتقان لأعظم سورة في القرآن "الفاتحة"، وتوجيه القراءات، وشرح كتاب التبيان في آداب حَمَلة القرآن، والنحو، كما استطاعت إنجاز حلقة وصل بين الطلاب وفلسطين وبعض العلوم الإسلامية على مدار أربعة أعوام.
وأشارت إلى أن الطالبات من دول عديدة في العالم التحقن بالمقرأة في أكثر من ستين دولة من مختلف أنحاء العالم، وتشارك في المقرأة طالبات من معظم الدول العربية، وكان عدد الطالبات اللواتي التحقن بالمقرأة 1500 طالبة، واستطاعت 854 طالبة التخرّج من الدورات المختلفة العام الماضي.
وتمكنت المقرأة منذ نشأتها من تخريج ما يزيد على خمسة آلاف طالب وطالبة ممن اشتركوا في البرامج المختلفة، وذلك في أكثر من ستين دولة حول العالم.
وشهد العام الماضي 2018 تخريج 2213 طالبا وطالبة في البرامج المختلفة، على يد أفضل مشايخ وقراء قطاع غزة ومنهم الشباب البارزون، مع زيادة في أعداد الانتساب والإقبال الكبير مقارنة بالأعوام السابقة.
وتقول هناء، "الطلاب ما يزالون على تواصل معنا، منهم أبناء عرب في المهجر، لكن لا يستطيعون السفر لدول عربية بسبب أعمالهم ودراساتهم الجامعية، وننتظر أن يكون المشروع خلال عشر سنوات منظومة ثقافية إسلامية كبيرة تربط المسلمين وأبناء العرب في المهجر بالثقافة العربية والإسلامية".
قبول غير عادي
الاستشاري في مواقع التواصل الاجتماعي والعمل عن بُعد خالد صافي، يلاحظ الإقبال غير العادي من الشباب الغزيين من التخصصات التربوية والتعليمية والتكنولوجية للتواصل مع العالم الخارجي وتغيير واقعهم الاقتصادي والمعيشي إلى جانب بناء جسر ثقافي وربطهم بظروفهم الإسلامية والعربية، وهي مشاريع غير تقليدية.
ويشير صافي إلى أن دولا مثل ماليزيا وإندونيسيا وباكستان ودولا أخرى تتحدث اللغة الإنجليزية تستفيد كلها من خدمات الشباب في غزة. وبعض أبناء المتغربين في دول أجنبية منذ عشرات السنين، يسعون من خلالهم لإعلاء الصورة الجمالية للمجتمع الفلسطيني والعربي المسلم عبر تقديم متابعة تعليمية بجودة عالية رغم ضغوط الحصار.
ويقول صافي " على مدار خمسة أعوام، سهلت مواقع التواصل الاجتماعي من خلال التسويق الالكتروني، من إمكانية الوصول للجماعات والفئة التي بحاجة للتعليم والخدمات، إلى جانب أن المسلمين في العالم يتعلمون من الفلسطينيين ويحصلون على خدمات منهم على سبيل الدعم والمساندة. والمأمول أن تزداد نسبة الإقبال على التعلم إلكترونيا من الشباب الفلسطيني حتى تشمل شرائح أكبر من قطاع غزة المحاصر".